قصة قصيرة....جرجس لفلوف

 لقاء بعد فراق طويل..
اسعد الله أيامك أيتها الجميلة
نظرت جميلة فرأت أمامها  رجلا يشبه جميل رفيق ط


فولتها وحبيبها الذي فرقتهما الظروف والأيام .
كانت جميلة سعيدة بهذا اللقاء بعد أن استعادت وعيها وهدأت أنفاسها من هول المفاجاة التي لم تكن تتوقعها وصبغ خديها اللون الأحمر ولمعت عيناها وعادت في خيالها  إلى أيام فتوتها وهي تهز رأسها وتمتص شفتيها وتمضغ لعابها وهي تشد يد جميل وتقول:
....باركك الله وادخل إلى قلبك السعادة والهناء كما ادخلتهما الى قلبي هذا اليوم حبيبي ان يكن يحق لي ان اناديك بهذه الكلمة
.....الحب لا يموت بل الانسان هو الذي يموت كيف حالك ياجميلة اراك وحيدة متى عدت من امريكا? ولماذا لم تذهبي إلى القرية.? ام انك نسيت ماضيك وتاريخك فيهآ  
....الحال كما ترى .لم أغادر دمشق ولكنني أخبرت اهلي أنني سافرت كي لا يبحثون عني والعمر مضى ولم يبقى منه ما يستحق .منذ قدمت الى هنا لم تدخل السعادة حياتي والندم لازمني والسعادة التي تراها وهمية
.... ما سمعته وتغير أحوال اهلك المادية يقول غير هذا
....لا تصدق كل ما يقال فليس كل ما يلمع ذهبا وفي داخل كل إنسان الكثير مما يطفو على سطح الماء وما يغوص في اعماقه.سحت في هذه الدنيا طولا وعرضا.شقيت. تعبت. عانيت من الفقر والجوع .كما عرفت فيها الراحة .والشبع حتى التخمة والغنى والكذب والخيانة والخداع وكل أنواع الشرور التي يبهر لمعانها عينيك ولا تستطيع كشف زيفها حتى تسقط في مستنقعها أو بين انيابها فتسحقك دون رحمة وهذا ما حصل معي وقعت في الفخ بجهلي وعدم معرفتي ولم أتمكن من الفكاك اوالخروج من المستنقع الذي رميت نفسي به
....نصحتك وحذرتك من حياة المدينة ولم تسمعي
....كان لا بد من السفر وصممت أن أكون وفية لحبنا بعيدا عن ألسنة الناس والقيل والقال في القرية ورغبتي بأن اتعلم اكثر في المدينة لأكون جديرة بك إلا أن رياح الظروف السيئة قادت حركتي الى ما انا عليه. انا لم ادخل المدرسة ولكنني دخلت مدرسة الحياة دون استعداد .كنت اعتقد  ان جميع الناس صادقين اوفياء اخلاقيين مثلنا وإذ أفاجأ انهم يعيشون في غابة القوي  فيها ياكل الضعيف والضعيف يتزلف للقوي ومن لا يكون ذئبا اكلته الذئاب وفي هذه الغابة تلقيت طعنة أدمت جسدي وتركت جرحا في روحي لايندمل وتحولت الى ذئبة تريد ان تاخذ بالثأر واكتشفت اخيرا أنني أخذت الثأر من نفسي .إشرب قهوتك يا جميل ما مضى مضى وتقليب المواجع لايشفي الجروح  
...أصبحت فيلسوفة وهذا ليس غريبا عنك طالما قلت عنك ذكية ولكنني أرغب ان اعرف كامل حكايتك وطبيعة جروحك
....لست فيلسوفة بل قرأت الفلسفة في كتاب الحياة وفي صدور ورؤؤس ووجوه الناس في معركة النور والظلام .معركة الخير والشر وهذه هي حكايتي وبقيتها  ما تراه أمامك  
كان جميل معجبا بأسلوب جميلة وعرضها وتحليلها للأحداث وفهمها للحياة وتجربتها المؤلمة وهي لا تزال تحتفظ بقيمها التي تربت عليها بالرغم من التشوهات التي أصابتها وفاجأها بافتراح هجر المدينة وذكرياتها المؤلمةفيها والعودة معه الىالقرية وإحياء ذاكرة الماضي وانتظار ساعة قيامة يقوم فيها حلم مات في عب بلوطة  وانا وانت آمنا بالحب وهذا الحب  لا يزال حيا في قلوبنا
وافقت جميلةوقالت لن اخالفك بعد الآن وسانفذ كل نصائحك طالما أنك سامحتني على كل ما ارتكبته من أخطاء بحق نفسي وبحقك
عادا إلى القرية وعاداتها والى الارض والنبع والبلوطة وحلمهم في عبها
جرجس لفلوف سورية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

CINE E FEMEIA DIN MINE....Flori Gombos.

TOTUL O DILEMÃ, TOTUL RELATIV....Flori Gombos ..

Zivot je tren.... بقلم الأستاذة Barya Djurdjević Banda